خطورة الذكاء الاصطناعي تزداد فهل نتأقلم؟

  • أريج عمارbronzeبواسطة: أريج عمار تاريخ النشر: الجمعة، 17 فبراير 2023
الذكاء الإصطناعي: ثورة وانتفاضة وعصر جديد

لا يزال موقع ChatGPT يأخذ الحيّز الأكبر في حياة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، إلا أن ما يدور حوله من تساؤلات تكثر، مع كل يوم تظهر فيه أكثر قدراته وإمكاناته "المخيفة" على البشرية جمعاء، وعلى مستقبل المهن، كما على حياتنا اليومية والاجتماعية. ومن هذا المنطلق كان لموقع "البلد أونلاين" سلسلة أحاديث وأبحاث في هذا الإطار لمحاولة جمع أغلب ما يتميّز به هذا الموقع، وكيف يمكنه التأثير على كل ما حولنا، وما يُثبِت خطر هكذا تكنولوجيا، هو ما قاله المفوض المعني بالصناعة في الاتحاد الأوروبي Thierry Breton، مشدّداً على "ضرورة وضع قواعد جديدة للذكاء الاصطناعي، بهدف معالجة المخاوف المتعلقة بمخاطر استخدام تطبيق "ChatGPT" وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي".

بين "غوغل" و ChatGPT

من هنا نبدأ بالحديث عن "المعركة الطاحنة" التي تدور اليوم داخل "غوغل" جرّاء هذا التوسّع والانتشار الكبير لموقع ChatGPT، فقد قامت الشركة بعد حوالي أسبوع واحد من انتشار الموقع،  باستثمار كبير في شركة تعمل على منافسة ChatGPT. ووفقًا للتقرير الصادر عن Bloomberg استثمرت "غوغل" ما يقرب من 400 مليون دولار في Anthropic، وهي شركة أبحاث للسلامة والذكاء الاصطناعي، يقال إنها تعمل على روبوت محادثة يشبه إلى حد كبير ChatGPT. بعد ذلك تم الكشف عن العمل الذي تقوم به "غوغل" لمنافسة ChatGPT، وهو روبوت محادثة من الذكاء الاصطناعي (AI) ويُسمى Bard، وقالت حينها الشركة إن "مجموعة من المختبرين ستستخدم Bard قبل طرحها للجمهور في الأسابيع المقبلة". إنما يبدو أن العمل "لتجنب خطر انهيار السمعة" كما أعلن جيف دين كبير الباحثين في "غوغل"، ليس دافعاً جيداً لتصنيع الذكاء الاصطناعي وهذا ما جعل شركة "Alphabet" المالكة لـ"غوغل" تخسر حوالي 100 مليار دولار من قيمتها السوقية الأسبوع الماضي، وذلك بعد أن قام برنامج الدردشة الجديد الخاص بها بمشاركة معلومات خاطئة في فيديو ترويجي، شاركته خلال المؤتمر الصحفي للإعلان عن روبوت الدردشة القائم على الذكاء الاصطناعي Bard، المنافس ل ChatGPT.

بذلك، نَعي تماماً ما مدى تعقيد ودقّة برنامج ChatGPT، الذي ما يزال في بدايته. وكشفت مصادر تكنولوجية  أن إصداراً جديداً ومطوّراً لهذا الموقع سيبصر النور قريباً، وذلك سيكون "الخطر الأكبر" في عالم الذكاء الاصطناعي.

الوظائف المُهَدّدة والتأقلم مع التطوّر

وفي هذا الإطار، يبقى التخوّف الأكبر على مصير المِهَن، وكيف سيؤثّر على مستقبل الحياة مع سرعة التطوّر الكبيرة التي باتت تحصَل.

ويؤكّد رئيس تحرير مجلة علم وعالم مجدي سعد، لموقع "البلد أونلاين"، أن على الإنسان أن يتأقلم مع كل هذا التطوّر "فبدلاً من الخوف والقلق من تأثيرات هذه التكنولوجيا، يجب علينا التأقلم مع هذا العصر الجديد الذي ندخل فيه اليوم مع وجود "نظير" اصطناعي للإنسان يمكنه مساعدته بشكل كبير وتوفير الوقت والجهد، وهذا ما بدأنا نراه مع الطلاب والتلاميذ الذين باتوا يستخدمون هذه التكنولوجيات لتوفير الوقت بالعمل على الأبحاث والدراسات المطلوبة منهم، والسنوات الآتية ستكون أعظم لهذا التطوّر الذي سيتطوّر أكثر".

 ويؤكّد سعد أن هذا التطوّر هو بمثابة قلب للطاولة على كل التكنولوجيا التي نعرفها في السابق، "هذا مهم جدًّا فهو ليس محرّك بحث عادي، بل يستطيع تحليل آلاف المعلومات وأكثر من آلاف المصادر لإعطاء الإجابات الدقيقة على أي سؤال نطرحه، وهذا ما لا يمكننا كبشر فعله، إلّا أننا إذا لم نتأقلم فالكثير من الوظائف ستصبح بلا فائدة مع وجود كل هذا التطوّر، وهذا يعيدنا إلى مقولة Ray Kurzweil في العام 2003 حينما قال: "سنصل إلى مرحلة يكون فيها الذكاء الاصطناعي أذكى بعشرات آلاف المرّات من البشر"، وهذا ما بدأنا نراه اليوم بالكثير من المجالات".
ويشير سعد أيضاً إلى مدى أهمّيّة استخدام هذا الموقع في البحوث والوظائف المنزلية للطلّاب، لتسهيل  مدة البحث الطويلة أو وضع أستاذ خاص،  " إنما لا شك أن هذا سيف ذو حدّين، إذ إن الاعتماد الدائم على هذه التطبيقات والمواقع يؤثّر سلباً على مستوى الطلاب ومدى استفادتهم في التعلم".

وهذا بدوره يفتح الباب أمام الخطر على الوظائف. وبحسب ChatGPT نفسه، فإن الوظائف التي يمكنها أن تتأثّر بهذا التطوّر هي "التحليل الصحفي والإعلام وتطوير الألعاب وتصميم الحلول الذكية والبرمجية"، وهذا جزء من الإجابة التي قدّمها ChatGPT عند سؤاله عن الوظائف المتأثرة بهذا التطور.
أما بحسب الخبير في الأمن السيبراني والتحوّل الرقمي رولان أبي نجم، فإن ال Copywriter وال Content Creator يمكن أن يتم استبدالهما بسهولة بالموقع، لما لديه من قدرة كبيرة على إعطاء معلومات وتحليلات دقيقة تساعد أصحاب العمل مجاناً، إضافة إلى مهنة ال Programming أو Developing لإمكانيته الكبيرة في إعطاء الرموز بشكل دقيق وهذا سيتطوّر لاحقاً، إضافة إلى المساعدين لأصحاب الشركات مثلاً لتنظيم المواعيد، أو إعطاء العروضات الأنسب للزبائن، أو مثلاً المعلّم الخاص للتلاميذ، هذه كلها وظائف يمكن أن يتم استبدالها بالذكاء الاصطناعي توفيراً للوقت والمال.

ماذا عن لبنان؟

في حديث لموقع "البلد أونلاين" يقول أبي نجم إن "هذا التطوّر التكنولوجي يزيد من الفروقات بين الدولة والمواطن، نحن نرى أصلاً منذ بداية الأزمة في لبنان، النجاح والتألّق اللبناني من المواطنين داخل وخارج البلاد، ونرى أيضاً المفارقة في النقص الحاد في مقوّمات الدولة وعدم قدرتها على تنظيم أمور البلد، ومع هذا التطوّر  فإن الفجوة ستزداد بطبيعة الحال. فمثلاً لا يمكن لمراكز الدولة أن تبقى تعتمد على الورقة والقلم والملفات المكتوبة في ظل المكننة العالمية، وبدء التخلّي الكلّي عن التعامل الورقي حتّى في الأموال، وهذا ما بدأنا نراه في معظم دول العالم من خلال التخلّي عن العملات الورقية واعتماد بطاقات الائتمان، إضافة إلى أنه لا يمكن للدولة أن تبقى متمسّكة مثلاً بالمناهج الحالية في المدارس وطريقة التعليم البدائية وسط كل هذا التطوّر، ولا شك أن المواطن اللبناني يواكب هذا التطوّر أوّلاً بأوّل، وهذا ما يمكّن من زيادة الفجوة التي نتحدّث عنها".

وختم أبي نجم قائلاً: "الذكاء الاصطناعي هو بمثابة مكمّل للتكنولوجيا وأعداد المستخدمين ل ChatGPT فور ظهوره بلغت الأولى عالمياً مقارنة بأي تكنولوجيا، وهذا ما يشير إلى التطوّر والانتشار السريع لهذا التطبيق وأمثاله وتأثيره سيكون أكبر بكثير من غيره، وهذا ما يُفَسِّر تصريح الملياردير الأميركي بيل غيتس بأن "ظهور تطبيقات الذكاء الاصطناعي ستكون بنفس أهميّة ظهور الإنترنت وأجهزة الحاسب الآلي الشخصيّة".