التزام نسبي بوقف النار بين أرمينيا وآذربيجان

اندلعت اشتباكات حدودية واسعة النطاق بين قوات أرمينيا وآذربيجان، فجر اليوم، وأسفرت عن مقتل 49 عسكرياً أرمينياً في أحدث تصعيد للعنف بين البلدين بحسب يريفان.

وتأتي هذه الجولة من المعارك بعد اشتباكات حدودية متكرّرة دارت بينهما في السنوات الماضية حول جيب ناغورني كاراباخ المتنازع عليه. وتعكس الأحداث الأخيرة مدى تقلّب الوضع، وتهدد بعرقلة عملية السلام التي تتوسط فيها أوروبا وأطراف أخرى.

وتبادل البلدان الاتهامات بشأن المسؤولية عن هذه التطورات. وتتهم آذربيجان أرمينيا بارتكاب "أعمال عدائية واسعة النطاق"، ولفتت إلى أن قذائف الهاون تسبّبت بـخسائر في صفوفها. من جهتها، اتهمت أرمينيا آذربيجان ببدء الأعمال العدائية عبر قصف مكثّف لمواقعها في اتجاه مدن عدّة مثل غوريس وسوتك.

ردود الفعل الأرمينية

 وأعلنت وزارة الدفاع الأرمنية، في بيان، أن حدة المواجهات على الحدود تراجعت إلى حد كبير،  لكن الوضع لا يزال متوتراً رغم وقف إطلاق النار. وأضافت أن "العدو" يواصل محاولة التقدم.

وبدوره، استنكر رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان "عدوان" باكو، ودعا المجتمع الدولي إلى الرد، خلال محادثات أجراها مع  عدد من القادة الأجانب من بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأوضح أمام البرلمان الأرميني أنه بهذا التصعيد، تعرقل آذربيجان عملية السلام الجارية بين يريفان وباكو بوساطة الاتحاد الأوروبي.

وساطة روسية

من جانبها، كشفت روسيا أنها تفاوضت على وقف إطلاق النار، الذي كان من المفترض أن يطبق منذ صباح الثلاثاء، لوضع حدّ للاشتباكات الدامية التي اندلعت بين آذربيجان وأرمينيا. من جهتها، قالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، إنها تتوقع أن يتم احترام الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه، بعد وساطة روسية لوقف لإطلاق النار ابتداءً من الساعة التاسعة بتوقيت موسكو، كما أعربت عن قلقها البالغ بشأن التدهور الحاد في الوضع.

أما عن موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقد أعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أنه من الصعب المبالغة في تقدير دور الاتحاد الروسي ودور بوتين شخصياً. وأضاف أن الرئيس  يبذل قصارى جهده للمساعدة في تهدئة التوترات على الحدود.

الموقف الأميركي والأوروبي

من ناحيتها، عبّرت الولايات المتحدة عن قلقها البالغ، ودعت إلى وقف فوري للقتال بين باكو ويريفان. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للصراع.

  وفيما طلبت تركيا من أرمينيا  التوقف عن استفزازاتها ضدّ آذربيجان والتركيز على مفاوضات السلام، أكد قصر الإليزيه أنّ فرنسا ستعرض الوضع على مجلس الأمن الدولي الذي تتولى رئاسته حالياً، وذلك بعد محادثة هاتفية بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وباشينيان.

من جهته، دعا الاتحاد الأوروبي إلى وقف الأعمال العدائية بين أرمينيا وآذربيجان. وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل، في بيان، إنه من الضروري أن تتوقف الأعمال العدائية والعودة إلى طاولة المفاوضات. وأضاف أن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال يجري اتصالات مع قادة البلدين، كما أكد أنه سيجتمع مع وزيري الخارجية الأرميني والآذري.

دعوة إيرانية لضبط النفس

بدورها، دعت إيران جارتيها أرمينيا وآذربيجان إلى ضبط النفس، كما أعربت عن قلقها بشأن تصاعد التوترات والنزاعات، بحسب ما أفاد المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني. وشدد، في بيان، على رفض إيران أي تعديل للحدود بين البلدين، مؤكداً ضرورة احترام وحدة أراضيهما.

جذور الصراع

لا تزال العلاقات المعقّدة تاريخياً بين يريفان وباكو تتصاعد بسبب النزاع على ناغورني كاراباخ، وهي منطقة تقطنها غالبية أرمينية، انفصلت عن آذربيجان بدعم من أرمينيا. وبعد حرب أولى أسفرت عن مقتل 30 ألف شخص في مطلع التسعينيات، تواجه البلدان  في خريف العام 2020 حول الأرض عينها، وأسفرت الحرب الأخيرة عن مقتل نحو 6500 شخص، وانتهت بهدنة تمّ التوصل إليها بوساطة روسية.

وتنازلت يريفان عن أراض كبيرة لآذربيجان، كجزء من اتفاق تضمّن أيضاً نشر قوات حفظ سلام في الأرض المتنازع عليها. واعتُبرت هذه النتيجة إذلالاً في أرمينيا، حيث يطالب عدد من أحزاب المعارضة باستقالة باشينيان منذ ذلك الحين، متهمة إياه بتقديم الكثير من التنازلات لباكو.

 

.